كشف أمير «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً) في منطقة القلمون السورية المحاذية للحدود الشرقية اللبنانية أبو مالك التلّي في حوارٍ أجرتْه معه «الراي» بعضاً من وقائع المعركة العسكرية التي شنّها «حزب الله» في 21 تموز الماضي ضدّ مجموعته في جرود عرسال اللبنانية وامتدادها السوري في القلمون الغربي (بمؤازرة الجيش السوري)، ومن عملية التفاوض التي بدأتْ مع وقف إطلاق النار وأفضتْ الى تفاهُم على تبادُل جثث وأسرى وموقوفين والانسحاب الكامل لـ «النصرة» الى إدلب مع نحو 9 آلاف نازح من مخيمات عرسال وجرودها.
وقال التلّي في اللحظة التي كانت المفاوضات في ذروتها إن اتفاق القلمون مع «حزب الله» يتضمّن إطلاق 10 سوريين، 5 منهم سجناء في سجن رومية المركزي في لبنان و5 مقاتلين (من الهيئة) أسرى لدى «حزب الله»، موضحاً «اننا طالبنا بسجناء من سجون حزب الله داخل لبنان وسجناء من سجن رومية وتمت الموافقة على بعضهم بعد عناء كبير».
وعن تَعثُّر تنفيذ الاتفاق يوم الاثنين في شأن خروج مقاتلي الهيئة من القلمون ومَن يرغب من اللاجئين السوريين، ردّ التلي الأمر الى «الخلافات بين الحزب والحكومة اللبنانية وعدم صدقية الحزب في التعامل مع جزئيات الملف بحسب المتَّفَق عليه مع الجانب الايراني»، موضحاً ان «بعض ما يوافق عليه الحزب لا توافق عليه الحكومة او العكس صحيح». وأعطى مثالاً على ذلك «مسألة الموافقة على إخراج سجناء من رومية وبعض الأسرى من سجون الحزب».
واذ أكد في الحوار الذي أجريناه معه عبر الانترنت انه «ليست للحكومة القطرية ولا غيرها أيّ علاقة بهذا الاتفاق، و(مدير عام الامن العام اللبناني اللواء) عباس ابراهيم كان ممثّلاً للحكومة اللبنانية»، قال رداً على سؤال حول رؤيته للمعارك التي جرت وهل ان سرعة التوصّل لاتفاق كانت بسبب ضعف قدرات مقاتلي الهيئة او لأن المعركة أصلاً لم تكن سوى كإخراج للاتفاق: «المعركة بالنسبة لنا وللاجئين في عرسال ولبنان مصيرية وقد بدأتْها ميليشيات النظام وحزب إيران من لحظة تهجيرهم المدنيين من منازلهم».
وشدّد على انه «بالنسبة لدورنا كان جهاد دفع»، مشيراً الى ان «المعركة لم تُحسم لطرف، وقدراتنا القتالية تدلّ عليها أعداد قتلى حزب الله، لكن خذلان بعض المجموعات وانسحابها أدى لانكشاف مواقعنا فتراجعْنا في البداية». وأضاف: «حزب الله لم يستطع مع ذلك كسْر خط الدفاع الثاني على مدى ثلاثة أيام من المعارك رغم شراسة الهجوم والتمهيد المدفعي العنيف».
وفي حين أوضح ان «ما دَفَعَنا لقبول التفاوض هو ما حصل من قصْف لمخيمات اللاجئين في وادي حميد»، قال ان «منطقة القلمون محاصَرة منذ أربع سنوات وحاولنا تجنيبها الصراعات الداخلية ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً»، معتبراً ان «المعركة الأخيرة أثبتت التواطؤ الدولي على إنهاء وجودنا في المنطقة ولا سيما بمشاركة جميع الأطراف حولنا فيها».
وكيف تستطيع الهيئة ضمان الحماية للاجئين السوريين في لبنان بعد خروجها من القلمون؟ يجيب التلي: «أخذنا تعهداً من الحكومة اللبنانية والايرانيين بضمان حقوق اللاجئين في لبنان، وهذا ما نستطيع تقديمه في هذه المرحلة».
واذ رأى ان «حزب الله جزء من مشروع الهلال الشيعي الايراني»، حذّر من ان «كل الطوائف في لبنان سيدفعون ثمناً باهظاً بسبب سكوتهم على سيطرة ميليشيا حزب ايران على كل مفاصل الدولة في لبنان، وقد حذّرناهم مراراً من مغبة توسع هذا المشروع، ولكن لن ينفع الندم»، نافياً اتهامات الحزب للهيئة بأنها كانت تنوي استهداف لبنان واللبنانيين، ومؤكداً «اننا كهيئة تحرير الشام معركتنا لم تكن في لبنان. والحزب هو مَن جرّ لبنان للمعركة عبر دخوله الأراضي السورية، وما فعلناه كان دفاعاً عن ديننا وأهلنا وعرضنا، ومعركتنا ما تزال معركة دفع صائل ضدّ كل مَن اعتدى على أرضنا وديننا وأعراضنا».
واعتبر ان «حزب الله أثبت خلال الأعوام السابقة أنه المنظّمة الارهابية الأخطر في المنطقة بسبب ما قام به من قتل وتهجير في سورية والعراق ولبنان»، لافتاً الى ان «ما قامت به ايران هو وضع الشيعة العرب في مواجهة مع أهل السنّة وجميع الطوائف في المنطقة وهذا ما سيجعل موقفهم حرجاً في المراحل المقبلة».
ورداً على سؤال حول وجهة خروج مقاتلي الهيئة، أجاب: «قال تعالى: ومَن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة»، مضيفاً ان الاتجاه «سيكون الى إدلب».
(الراي)