عبدالكريم فياض
كرت سبحة تشكيل لوائح الإنتخابات النيابية في دائرة الشمال الثانية (طرابلس والمنية والضنية)، حيث أعلن في اليومين الماضيين عن لوائح جديدة لنصبح رسمياً أمام 9 لوائح على ان تستقر البورصة على 10 لوائح في هذه الدائرة.
وبقراءة متعمقة لمشهدية تشكيل اللوائح على مسافة ساعات من إقفال باب تسجيل اللوائح، يتبين انها توزعت بين 6 قوى هي: الفريق السيادي، فريق 8 اذار، القوى المعتدلة أو تحالف كبارة ـ العزم، المتمردون على قرار الرئيس سعد الحريري، الجماعة الإسلامية، والقوى الثورية والمدنية والتغييرية.
1 ـ الفريق السيادي ويتمثل بلائحة “انقاذ وطن” برئاسة الوزير السابق اللواء اشرف ريفي المتحالف مع القوات اللبنانية والنائب عثمان علم الدين. وكان ريفي اطلق ماكينته الانتخابية خلال احتفال اقيم منذ يومين في مكتبه بطرابلس، أعلن فيه جملة مواقف سياسية متشددة من هيمنة السلاح على البلد شكلت العناوين العريضة لحملته الانتخابية، فجاء خطابه بنبرة عالية فيها الكثير من التحدي، وقال: “نترشح حاملين شرف المواجهة والتحدي لكسر قبضة اليد الايرانية الامنية غير الأمينة على البلد”، واصفا “السلاح الذي وجه الى صدور اللبنانيين في 7 ايار، والذي يحمي المنظومة السارقة الحاكمة، والذي الذي قتل الشهيد رفيق الحريري وبقية الشهداء والذي يقاتل في اليمن والعراق، بسلاح غدر ارهابي”، مؤكدا ان “وطننا امام مفترق طرق، فإما أن نبني دولة عادلة بجيشها وقضائها ومؤسساتها، واما أن نسلم ما تبقى من مؤسسات الى السلاح”.
وكشف حسان ريفي مدير الماكينة الانتخابية خلال الاحتفال عن حجم التحضيرات الكبيرة التي اعدتها ماكينة ريفي لهذه المعركة، مستفيدة من خبرة واسعة اكتسبتها في الانتخابات النيابية السابقة، وسخرتها لمعالجة كل مكامن الخلل، وتمكنت من بناء فريق قادر على الحضور والعمل في مختلف مدن وقرى الدائرة الثانية.
ويؤكد متابعون ان اللواء ريفي استطاع بشخصيته ومواقفه السيادية حجز مكانة كبيرة له في نفوس ابناء طرابلس الذين يشعرون ان الدولة تعاملهم كمواطنين من الدرجه الثانية، ويرون فيه زعامة سنية قادمة بإمكانها وقف إستهدافهم واستعادة حقوقهم.
واذا ما عطفنا حضور اللواء ريفي على العمل المهني الذي تقوم به ماكينته المطعمة حديثا بثلة من الضباط المتقاعدين الثائرين على واقع الطائفة المأساوي، والمسلحين بنسيج واسع من العلاقات الاجتماعية في الدائرة الثانية، واضفنا الى ذلك الحيثية القوية للقوات اللبنانية في القرى المسيحية بقضاء المنية ـ الضنية، ونشاط ماكينتها الانتخابية المنظم، فضلا عن شعبية عثمان علم الدين في المنية، سنجد اننا امام مجموعة عوامل ايجابية من شأنها ان ترفع حواصل هذه اللائحة، وتبرز اللواء ريفي كزعيم سني، وتضيق المنافسة على 11 مقعدا في الدائرة الثانية بينها وبين لائحة تحالف العزم ـ كبارة ولائحة الإرادة الشعبية.
2 ـ القوى المعتدلة التي اعلنت عن لائحة “للناس” وتضم تحالف كبارة ـ العزم، وهي محط انظار المتابعين الذين يترقبون قرار الرئيس نجيب ميقاتي ويعتبرونه عاملا رئيسيا يبنى عليه تحديد عدد المقاعد الانتخابية التي ستنالها هذه اللائحة، فإن قرر الرئيس ميقاتي خوض هذه الانتخابات بثقله، مسخّراً ماكينته وامكانياته فان المعادلة ستختلف جذريا، اذ ستحصد لائحته حينئذ العدد الاكبر من المقاعد النيابية في هذه الدائرة، أما إن آثر عدم التدخل وترك حرية الخيار لانصاره فان النتيجة ستختلف كليا، على ان يبقى الثابت الوحيد في غمرة هذه المتغيرات هو فوز كريم كبارة الذي من المتوقع ان ينال العدد الاكبر من الاصوات التفضيلية في هذه اللائحة، نظرا لحضوره الدائم والفاعل بين ابناء مدينته ومتابعة شؤونهم ومعالجة مشاكلهم.
3 ـ فريق 8 اذار ممثلا بلائحة “الإرادة الشعبية” وتضم تحالف الوزير فيصل كرامي مع جمعية المشاربع الاسلامية والنائب جهاد الصمد. تسير هذه اللائحة بخطى ثابتة نحو الانتخابات متسلحة بحيثية الوزير كرامي، وحضور طه ناجي الدائم بين الناس، فضلا عن القاعدة الشعبية لجهاد الصمد في الضنية. ويرى متابعون ان هذه اللائحة ستحجز بأدنى حد 3 مقاعد نيابية ستكون من نصيب كرامي وناجي والصمد.
4 ـ لائحة “لبنان لنا” جمعت المتمردين على قرار الرئيس سعد الحريري، وهي برئاسة النائب السابق مصطفى علوش المتحالف مع نقيب المحامين السابق فهد المقدم والنائب سامي فتفت. وما ان اعلنت هذه اللائحة من منزل علوش حتى اهتزت صورتها في الشارع الطرابلسي بفعل الاتهامات القاسية التي اطلقها هيثم مبيض بحق علوش، متهما اياه بالفساد، وكاشفا انه “سبق ان اتفق مع علوش على الاستقالة من تيار المستقبل والترشح معا على لائحة واحدة، ولكن الاخير غدر به وباعه”.
وعلى وقع كلام مبيض الجارح بحق علوش الذي وصفه البعض “بالضرب تحت الحزام”، وإن صح سيعتبر فضيحة تهتز لها صورة علوش على مسافة شهر ونيف من الانتخابات، وفي ظل افتقار هذه اللائحة الى ماكينة انتخابية فاعلة في طرابلس او المنية او الضنية، يتساءل احد المتابعين للانتخابات هل ستتمكن هذه اللائحة من نيل حاصل انتخابي؟ وإن نالته فلمصلحة من سيذهب بعد ان تضررت صورة علوش وتراجعت شعبية فتفت اثر غياب ماكينة تيار المستقبل في الضنية؟ ليجيب: “يبدو ان النقيب فهد المقدم هو الأوفر حظا في هذه التركيبة”.
5 ـ لائحة الجماعة الاسلامية والتي شكلتها مع مع شباب بعض منهم له حضور في المناطق الشعبية مثل احمد المرج، والبعض الآخر مستجد على العمل السياسي في الساحة الطرابلسية. ولكن ما ان اعلنت هذه اللائحة حتى بدأت السهام توجه اليها مستهدفة المرشح ايهاب مطر، حيث بدأ رواد مواقع التواصل الاجتماعي بانتقادها. فقد تساءل الناشط محمد الاحدب على صفحته على فيسبوك عن “الاسباب التي دفعت الجماعة الاسلامية التي تملك مؤسسات كبيرة ومعروفة من عشرات السنين لتنزل بلائحة برئاسة شخص ما عنده تاريخ ولا احد يعرفه في المدينة قبل فترة الانتخابات”.
ويبدو ان ايهاب مطر اصبح عامل ضعف في هذه التركيبة، بعد ان اطلق حملته الانتخابية من باب الخدمات الاجتماعية بصورة خاطئة، اذ قام بطبع صورة له على ربطات الخبز ووزعها على فقراء المدينة، ما استفز الكثير من الناشطين الذين أعربوا عن امتعاضهم على مواقع التواصل الاجتماعي. اذ كتب احد رواد موقع فيسبوك على صفحته: “معقول بدك تشتري كرامة الناس بربطة خبز؟”.
6 ـ القوى الثورية والتغيرية والمجتمع المدني.
يبدو ان هذه القوى عجزت عن الانخراط بلائحة واحد تطل فيها مجتمعة على الناس، وبسبب الاختلافات الكبيرة فيما بينها توزعت هذه القوى على لوائح عدة منها:
– لائحة “انتفض للسيادة للعدالة” وتضم مجموعة من الشباب الثوري المثقف الطامح الى التغيير، وقد انضم اليها قبيل اقفال باب تسجيل اللوائح بساعات المرشح مالك مولوي فاصبحت اللائحة الاوفر حظاً بين لوائح التغيير والثورة اذ انها تضم شخصيات تثمل نسيج عائلات المدينة ولكن نقطة ضعفها الامكانات المادية التي ان توفرت، ستمكنها من اطلاق حملة دعائية وبناء ماكينة انتخابية قوية تغطي كل الدائرة مما يفتح امامها باب المنافسة على حصة في تمثيل شريحة من القوى المعارضة في المدينة.
– لائحة “الاستقرار والانماء” وهي مدعومة من “سوا للبنان” برئاسة الشيخ بهاء الحريري وتم الإعلان عنها في احتفال اقيم يوم الجمعة الماضي بمطعم في منطقة الضم والفرز بطرابلس، وضمت عددا من المرشحين المقربين من حركة سوا واخرين ناشطين في العمل السياسي منذ مدة، كالمحامي ميشال خوري المرشح عن المقعد الماروني بطرابلس.
أما السؤال الابرز، فهو عن قرار انصار ومحبي الرئيس سعد الحريري في الدائرة الثانية وهم كثر. هل سيقاطعون الانتخابات؟ وفي حال شاركوا فيها فلمن ستعود اصواتهم؟ إن الاجابة عن هذا السؤال من شأنها ان تغير سيناريو المعركة الإنتخابية برمته.