غسان حجار
تعيّر قوى 8 آذار وفي طليعتها “حزب الله” خصومها ممن تسمّيهم “السياديين الجدد” أو “مدّعي السيادة”، بأنهم يصمتون على تجاوزات اسرائيل تارة عبر الحدود البرية، وتارة اخرى عبر الجو، وخصوصا في المنطقة الاقتصادية الخالصة للبنان بحراً، حيث يدور صراع لبناني – لبناني حول اعتماد ايّ خط حدودي لتلك المنطقة الحائرة ما بين الخط 23 أو الخط 29، وخطوط ما بينهما. وتزداد حمأة هذه المعركة قبيل الانتخابات لتتحول الى اتهامات مباشرة بخدمة العدو، والتواطؤ معه على الداخل، وعلى الحزب ومقاومته تحديداً، منذرة بتعميق الشرخ ما بين اللبنانيين، الذي لا يمكن دمله في اليوم التالي للاستحقاق الانتخابي، اذ تصير الجروح عميقة، وقد صارت، وباتت تشير الى صعوبة العيش معاً إلا مرغمين، بعدما تباعدت الرؤى والتطلعات والافكار الى حد بعيد قد تصبح العودة منه أشبه بالمستحيلة، وهو ما لم يحصل في تاريخ لبنان رغم كل الازمات التي عرفها.
عودة الى ترسيم الحدود، والصراع الدائر حولها في السياسة، وتعطيل كل المبادرات التي ربما تحمل لبنان على التقدم في هذا الملف العالق منذ زمن، بما يفيد مصالحه الاقتصادية التي يمكن ان تشكل الجسر نحو اعادة النهوض بالدولة والمجتمع.
واذا كانت قوة “حزب الله” العسكرية قادرة على تهديد أمن اسرائيل، في ما لو أقدمت الاخيرة على التعدي على حقوق لبنان في مياهه، فان التوقف عند توازن الرعب، يصبح بلا جدوى متى طال به الزمن، من دون رؤية واضحة لما بعده.
وترسيم الحدود مع اسرائيل العدوة اولوية، او يجب ان يكون كذلك. لكن الاولوية لا تلغي الحسابات والحدود والمصالح الاخرى، وإلا عاد بنا الزمن الى الانظمة العربية التي استبدّت بناسها زمناً ومنعت عنها حرية التعبير، بل وحرية التنفس، قبل تحرير القدس. فلا هذا توافر، ولا الهدف الرئيسي تحقق.
في كتابه الصادر حديثاً، بعنوان “المالية العامة للدولة”، يكتب الرئيس فؤاد السنيورة الآتي: “كما هو مبيّن في التقرير المرفق في الملحق رقم -22- ص 579 فقد سكتت جميع الألسن عن التعليق على تحديد الحدود الشمالية للبنان، وبالذات بالنسبة للنقطة الثلاثية للبنان مع سوريا وقبرص، وهي النقطة سبعة، التي حددها لبنان أيضًا بشكل منفرد ريثما يتم التوافق مع الجانبين السوري والقبرصي.
صحيح أنه كان من حق الجانب السوري ومن حيث المبدأ الاعتراض على النقطة 7، كما فعل في العام 2014، ولكن ليس من حقه أن يلجأ إلى تلزيم الرقعة رقم واحد في منطقته الاقتصادية الخالصة، والتي تعتدي هي والرقعة رقم اثنين المعتمدتين لدى الجانب السوري على حدود منطقة لبنان الاقتصادية الخالصة كما حددها لبنان منفردًا.
هذا الأمر أصبح بحاجة إلى ان يبادر لبنان فورًا للاعتراض على ذلك لدى الجانب السوري أولاً ولدى الأمم المتحدة، وكذلك لدى الشركة الروسية التي جرى تلزيمها، وبالتالي أن تتوقف سوريا عن هذه المخالفة، وأن يصار إلى البدء بعقد اجتماعات مكثفة بين اللجان المختصة لدى الجانبين الشقيقين اللبناني والسوري، تمهيدًا لعقد اجتماعات ثلاثية لتحديد تلك المنطقة بشكل نهائي ما بين الأفرقاء الثلاثة، اللبناني والسوري والقبرصي”.
المصدر: النهار