بين تأكيد إسرائيل أن خلية لحزب الله حاولت التسلل إلى داخل الأراضي المحتلة، ونفي الحزب لهذه المزاعم التي اعتبرها أنها نتيجة خوف إسرائيل من رد حزب الله المحتمل على استشهاد عنصر له في الغارة التي شنها الطيران الحربي الإسرائيلي على منطقة كسوة جنوب مطار دمشق الدولي، عاش اللبنانيون ساعات من القلق خوفاً من نشوب حرب بين إسرائيل وحزب الله، على غرار حرب تموز 2006 يكون لبنان مسرحها مع ما يتكبده من أثمانٍ باهظة.
وفيما الاستنفار بلغ أشدّه في مواجهة فيروس كوفيد-19 الآخذ بالانتشار في كل المناطق اللبنانية، جاء الاستنفار العسكري في الجنوب ليخطف الأنظار عن ما قد تشهده المنطقة الجنوبية عشية التجديد لقوات اليونيفيل، وتزايد الحديث عن تغيير مهامها، ومطالبة الولايات المتحدة بتوسيع نطاق عملها ليشمل نزع السلاح في المناطق التي تنتشر فيها، وهو ما قد يؤدي إلى مواجهات بينها وبين حزب الله.
الولايات المتحدة التي تشترط ذلك تؤكد أنها ستمتنع عن دفع مستحقاتها في تمويل هذه القوات، والبالغة 70% من قيمة التمويل بما يوازي 420 مليون دولار سنوياً، وفي حال نفذت إدارة ترامب تهديدها بوقف مساهمتها، فهذا سيؤدي إلى تخفيض عديد اليونيفيل لتصبح غير قادرة على فعل شيء.
الجيش الإسرائيلي، الذي قام عند الثالثة والنصف من بعد ظهر أمس بقصف تلال عدّة في كفرشوبا والهبارية واستمر لمدة ساعة، ما أدى إلى إصابة منزل لأحد المواطنين من آل أبو علوان، عكسَ ما تعيشه إسرائيل من حالة استنفار قصوى دفعت بحكومة العدو لعقد جلسة طارئة، حمّل فيها بنيامين نتنياهو لبنان وسوريا مسؤولية أي اعتداء يقوم به حزب الله ضد بلاده من الأراضي اللبنانية.
حزب الله، الذي نفى في بيان له القيام بأي عمل عسكري ضد إسرائيل، توعدها برد قاسٍ على استهداف أحد عناصره في سوريا في وقت ليس ببعيد، وسيكون مفاجئاً للجميع.
وسط هذه الأجواء المتوترة أمنياً و”كورونياً”، أعربت مصادر حكومية لـ”الأنباء” عن قلقها من نشوب حرب محتملة في الجنوب، تنطلق من ادعاء كاذب من قبل إسرائيل، كما جرى بالأمس، ويكون هدفه توريط لبنان في حرب قد تقضي على كل مقومات وجود هذا البلد ومحاولاته للنهوض من أزمته الاقتصادية والصحية التي يتخبط فيها منذ أشهر، وقد يخسر بنتيجتها الدعم المالي الذي قد يأتيه من صندوق النقد الدولي، وعندها تقع الكارثة.
بخلاف ذلك، قلّلت مصادر أمنية من احتمال نشوب حرب محتملة في جنوب لبنان، معتبرة أن لا مصلحة لإسرائيل فيها، ولا لحزب الله. وبرأي المصادر فإن الوضع، وحتى لو حصل رد، لن يؤدي إلى نشوب مواجهات واسعة بين الطرفين، وقد ينتهي الأمر بينهما على غرار ما جرى قبل سنتين عندما دمّر حزب الله آلية عسكرية على إحدى الطرقات رداً على قيام اسرائيل باستهداف أحد مراكزه في سوريا وسقوط شهداء.
مصادر عين التينة وصفت في اتصالٍ مع “الأنباء” ما جرى بعدوان إسرائيلي بكل ما للكلمة من معنى، ورأت فيه انتهاكاً للقرار 1701 والذي يندرج تحت قائمة الأعمال العدوانية التي تنفذها إسرائيل باستمرار ضد لبنان، لكنها في الوقت نفسه قلّلت من احتمالات نشوب حرب واسعة في الجنوب بدلالة أن القصف الإسرائيلي لم يستمر أكثر من ساعة.
المصادر دعت الحكومة ووزارة الخارجية لتقديم شكوى ضد اسرائيل في مجلس الأمن الدولي، وإجبارها على الالتزام بالقرار 1701، مع العلم أن إسرائيل تبحث دائماً عن اعذارٍ لتقوم باعتداءاتها على لبنان.
مصادر حزب الله اكتفت في اتصالٍ مع “الأنباء” بنص البيان الذي أصدره الحزب في أعقاب الاعتداء الإسرائيلي، والقصف المدفعي الذي طاول مناطق عدة في العرقوب، مؤكدةً أن رد الحزب على إسرائيل لن يتأخر، وسيجعلها تندم على استهداف مواقع للحزب في سوريا، أو غير سوريا.
القيادي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، أوضح في حديثٍ مع “الأنباء” أنه مقتنع أن اسرائيل تسعى للحرب، وما تقوم به ليس مناورة، وأن استهدافها للقواعد العسكرية لحزب الله وإيران في سوريا يندرج تحت عنوان دق طبول الحرب، ومن دون أي سبب. ومن المؤكد بأنها تدفع إيران إلى المواجهة، وأن اعتداءاتها المتكررة على المواقع الإيرانية، ومواقع حزب الله في سوريا، ليس لها أي تفسير سوى استدراج إيران والحزب إلى الحرب.
وعن رأيه في البيان الذي أصدره حزب الله، ونفى فيه قيامه بأي عمل عسكري مع إسرائيل، وأن إسرائيل هي التي قامت بالاعتداء، أشار علوش إلى أنه لا يستطيع أن يؤكد أو ينفي، لكنه يستطيع أن يؤكد أن إسرائيل تتحيّن الفرص لجر ايران وحزب الله إلى الحرب، لكن لا إيران، ولا حزب الله مستعدَّين لخوض حرب ضد اسرائيل في الحاضر.
من جهتها، مصادر التيار الوطني الحر اتهمت إسرائيل بالاعتداء على لبنان، واعتبرت في اتصالٍ مع “الأنباء” أن ما جرى يهدف إلى دفع حزب الله إلى مواجهة مع اسرائيل. لكن الحزب حسب البيان الذي صدر عنه، لن يعطي إسرائيل فرصة الاعتداء على لبنان، بالرغم من احتفاظه بحق الرد على العدوان الذي استهدف مواقعه في سوريا، وسقوط شهيد له. المصادر دعت الحكومة إلى تقديم شكوى ضد إسرائيل، وفضح مخططها القائم على العدوانية، وانتهاك حرمة القرارات الدولية.
في الملف الصحي، وبعد سلسلة الإجراءات التي قد تتخذها الحكومة اليوم، وتتلخص بإقفال البلد على دفعتين، الأولى من 31 تموز الى 3 آب المقبل، والثانية من 6 آب الى 10 آب، حذّر وزير الصحة، حمد حسن، من الكارثة في حال لم يلتزم المواطنون بالإجراءات الوقائية واستخدام الكمامات، والحفاظ على التباعد، وذلك بالتزامن مع إعلان إقفال العديد من المؤسّسات باستثناء تلك التي لها علاقة بمعيشة الناس، وعمال الأفران، والصيدليات، والمستشفيات، ووسائل الإعلام، وغيرها من القطاعات التي ستدرج ضمن رزمة من القرارات التي ستصدر اليوم الثلاثاء، ويوم الخميس.
مصادر طبية حمّلت الحكومة ووزارة الصحة المسؤولية عن حالة التراخي التي أوصلت البلاد إلى هذه النتيجة المخيفة، وسألت عن الأسباب التي تحول دون إعلان حالة طوارئ عامة في البلاد لمدة 15 يوماً، كي تتمكن وزارة الصحة من إجراء مسحٍ ميداني لكل الحالات في لبنان، واستنفار كل الطواقم الطبية لإجراء فحوص عشوائية تشمل كل المناطق اللبنانية التي ينتشر فيها الوباء.
الأنباء