خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
تهتزّ المدينة عند كلّ منعطف، يخصّها مباشرة أو لا يخصّها.ربّما هي في بحث دائم عن زعيم أو مرجعيّة، أو ربّما هي تغرق موضوعيّاً في متاهة لا قعر لها.
البارحة، إحتفل “بعض” سكّان جبل محسن في ما أسموه عودة الرئيس بشّار الأسد إلى الحضن العربي غير الدافئ.حسبوا أنّ ما اعتبره النظام السوري نصراً مبيناً له، يصبّ في خانتهم، أي يجعلهم أقوى في العلاقة مع الجوار القريب، والجوار هو باقي أحياء مدينتهم، من شارع البقار، الى شارع سوريا في التبّانة، إلى غيرها من شوارع وأحياء طرابلس.هلّلوا ورقصوا و”فرقعوا” ورفعوا العلم السوري، كمظلّة يمكن أن تقيهم غدر الشقيق/ إبن الوطن الواحد.حسابات خاطئة لا نزال نكرّرها بلا عبرة من الماضي القريب أو البعيد، وبلا وعي بسيط بأنّ شريكي في الحيّ والمدينة والوطن هو ملاذي الطبيعي، ملاذي الأوّل والأخير.
اليوم، يستعدّ “بعض” أهالي المدينة لنوع من “ردّ الرجل” للذين احتفلوا بخطاب الأسد الذي خرج على جدول صاحب القمّة الأمير السعودي محمد بن سلمان حول “صفر مشاكل”، من خلال هجومه الحادّ على “المحتلّ العثماني والإخوان..” في إشارة الى الوجود التركي في الأراضي السوريّة ودعمها للمعارضة من جيش حرّ وغيره من الفصائل..والسؤال:إذا كان من مبرّر للإعتراض على أسديّي لبنان، لما ألحقه نظامه من أذى بالبلد وبطرابلس، وآخرها إنفجارا التقوى والسلام، فما المبرّر للمغالاة في إحتفاليّة فوز الرئيس أردوغان في تركيا، حيث تدور معركة ديمقراطية، هي دون شكّ من أرقى ديمقراطيّات العالم..وبدل أن نحتفي ونطلق الرصاص ونتحدّى، يا ليتنا نتعلّم القليل القليل من ديمقراطية الشعب التركي، موالاة ومعارضة، على حدّ سواء!
اليوم، العلم التركي يغطّي ساعة التل، كما غطّى العلم السوري مداخل جبل محسن..ولكن ما يؤنس قليلاً أنّ الجيش، الذي تدخّل ليل أمس لمنع أيّ احتكاك على خطوط تماس إنتهت ولن تعود، يبادر في خطوة إستباقيّة الى تكثيف وجوده ما بين مناطق أعلام الأسد وأعلام أردوغان، في دلالة الى أنّ هذه المؤسّسة لا تزال تجمع وتمنع، رغم كلّ التفكّك الرسمي والوطني في هذا البلد الصغير!