ظنّ البعض ممن أغوته لعبة المصالح على ظهر المواطن المقصوف غلاءً وضيقَ عيشٍ أنّه يمكن استرضاء المغلوب على أمره بوَعدٍ كمّوني مربوط بحكومة تشكيلها لازال في علم الغيب.
فالمئة مليار من ليرة مهدّدة لا يروي غليل من يبحثون عن بيت زوجي، وإن فتحوه، سيبقى مشرّعاً على كل عواصف المدارس والنقل والهاتف والكهرباء والماء… لم يعد في فم أحد من المواطنين ماء يخشى سقوطه إن فتح فاه لاعناً ساعةً جدّد فيها لمن ضحك عليه، ويسخر منه اليوم مجدّداً.
فقد رصد مجلس النواب، بموجب قانون أقرّه في جلسته التشريعية التي انتهت أمس، دعم القروض الاسكانية لذوي الدخل المحدود بمبلغ مئة مليار ليرة، على أن تضع الحكومة خطة إسكانية خلال 6 أشهر.
ولاقى هذا القانون ردود فعل راوحت بين المعارضة والمحاباة. فإلى جانب الملاحظات المتعلقة بالمهلة التي قد يستغرقها البدء في تنفيذ قانون دعم فوائد القروض السكنية، والمتعلقة بتأليف الحكومة أولاً، وهو أمر لا يزال في علم الغيب، ومنحها 6 أشهر بعد الولادة لإقرار سياسة سكنية، فإنّ المعضلة تبرز في مكان آخر أيضاً.
إذ من المعروف أنّ معدل أسعار الفوائد المدعومة التي كان يدفعها المقترض لشراء منزل عبر المؤسسة العامة للإسكان، كانت في حدود 3,75% حالياً، وإذا سلّمنا جدلاً أنّ قانون دعم الفوائد من وزارة المال أقلع ورأى النور، فإنّ السؤال يبقى ما هو سعر الفوائد التي ستُفرض على القروض السكنية؟
ذلك أنه وفق القانون الجديد تدعم الدولة أسعار الفوائد بمعدل 5% حداً أقصى.
ومن المعروف اليوم أنّ اسعار فوائد القروض بالليرة وصلت الى 20% في اعتبار انّ الفوائد على الودائع ارتفعت لتلامس الـ15%.
وبحسبة بسيطة يتبيّن انّ اسعار الفوائد على القروض ستكون 20% ناقص 5% تدفعها الدولة كدعم، مما يعني انّ المواطن الذي يقترض ليشتري منزلاً عليه ان يدفع 15% فوائد على قرضه.
فهل هذا السعر منطقي ويستطيع المواطن تحمّله؟ الجواب، لا. والنتيجة انّ أزمة القروض الاسكانية اصبحت في مكان آخر أشد تعقيداً من دعم الفوائد بـ5% حداً أقصى.
الى ذلك، فإنّ بعض المعنيين اشاروا الى أنّ ثمة إشكالية أُخرى تواجه هذا القانون، وتتصل بتعميم مصرف لبنان الرقم 503 المتعلق بعدم جواز زيادة التسليفات المصرفية بالليرة عن 25 في المئة من ودائعها بالليرة.
الجمهورية