تواجه #إيران #أزمات اقتصادية ومعيشية تنذر بتجدد الاحتجاجات وأهمها تحديات #الغلاء وارتفاع الأسعار والبطالة والتضخم وارتفاع الضرائب، مع استمرار الإنفاق العسكري على سياسة التوسع الإقليمي ودعم المنظمات الإرهابية وبالمقابل عقوبات دولية جديدة ستؤدي إلى شل عجلة الاقتصاد الإيراني، بحسب ما يقول خبراء.
ولم يعد يتناسب حجم الإنفاق العسكري على الصواريخ والتدخل الإقليمي في دول المنطقة مع الموازنة العامة الإيرانية، فمن ناحية انخفضت موارد وإيرادات إيران بشكل حاد، ومن ناحية أخرى زادت احتياجات وتكاليف مختلف الأجهزة العسكرية والأمنية والأيديولوجية بشكل كبير.
وبطبيعة الحال، فإن ارتفاع أسعار #النفط في الشهر الماضي قد يكون أعاد الأمل لإيران بإنعاش الاقتصاد جزئيا، لكن الوضع المتدهور للصناعات والشركات والدوائر الحكومية ورواتب المتقاعدين وغيرها لا يمكن تحسين أوضاعها حتى لو ارتفع سعر برميل النفط الى 100 دولار.
ومن ناحية أخرى، فإن الفساد الواسع النطاق المتفشي في دوائر الحكومة وكافة أجهزة الدولة بما فيها القضاء، واستمرار تمويل ودعم ميليشيات حزب الله ونظام الأسد في سوريا وميليشيات الحوثي في اليمن وغيرها من الجماعات الإرهابية، كلها أدت إلى تدهور الاقتصاد الإيراني إلى مستوى غير مسبوق ووضعت الحكومة في مأزق كبير.
معاشات المتقاعدين
أصبحت صناديق #المعاشات التقاعدية أزمة مستمرة في إيران ولم يتم ايجاد حل لها من قبل الحكومة منذ سنوات. وفشلت جميع الحكومات خلال السنوات العشرين الماضية، في إيجاد حل لوضع هذه الصناديق حيث تعود جذور المشكلة إلى الفساد والركود الاقتصادي والتضخم.
ويبدو أن هذه الأزمة ستستمر لسببين: أولا، تم تقديم مبالغ كبيرة من صناديق التقاعد في شكل تسهيلات لبعض الأفراد، ولم يُطلب منهم ضمانات كافية. والمثال على ذلك هو صندوق المعلمين، الذي نهب منه أكثر من 8 تريليونات تومان ولا أحد يتحمل المسؤولية عن ذلك. ثانيا، سوء الإدارة في صناديق التقاعد حيث استثمر مجلس الإدارة أموال الصناديق في الأماكن التي لا يمكن أن تجلب أية أرباح أو حتى تستعيد المبالغ المودعة.
ولم تحدد الحكومة حالة تلك الأموال المودعة أو معاشات المتقاعدين بسبب العجز في الميزانية، ولذا تراكمت رواتب ومستحقات المتقاعدين في جميع أنحاء البلاد ما يدفعهم لتنظيم احتجاجات مستمرة لاسترجاع حقوقهم.
ارتفاع الضرائب
يدخل الاقتصاد الإيراني عامه السادس من الركود، بحسب إحصائيات رسمية، ولذا قامت الحكومة برفع الضرائب في ميزانية عام 2018 حيث قدرت أن تكون عائدات #الضرائب في مشروع الموازنة 128 ألف مليار تومان، أي زيادة قدرها 16 تريليون تومان.
ومن المقرر أن تتم هذه الزيادة من الاقتصاد الذي يعاني من حالة ركود تامة، وتحاول الحكومة تعويض العجز في الموازنة عن طريق جباية الضرائب من المواطنين بأي شكل من الأشكال، ولكن المواطنين لم يعودوا في وضع يسمح لهم بالتزام التقشف نظرا لارتفاع الأسعار والغلاء والتضخم.
ويقول خبراء إن الضغط الضريبي على قطاعي الصناعة والخدمات سيؤدي إلى زيادة البطالة وتعميق الأزمة، حيث إن إحدى المشاكل الرئيسية التي يواجهها أصحاب الأعمال اليوم هي موجة ارتفاع الضرائب.
التضخم
كان #التضخم خلال السنوات الثلاثين الماضية عاملا أساسيا في تدهور الاقتصاد الإيراني حيث يبلغ متوسط معدل التضخم ما بين 19% و20% سنويا، مما يسبب الانقسامات الطبقية والفقر المنتشر.
ووعد الرئيس الإيراني حسن روحاني منذ توليه ولايته الأولى عام 2013 بمعالجة مشكلة التضخم واستطاع تحقيق تقدم كبير بحيث أوصل التضخم الى حوالي 10% لكن الخبراء يقولون بأنه خلال موازنة العام الإيراني المقبل الذي يبدأ في 21 مارس/أذار المقبل سترتفع مرة أخرى.
وتوقع مركز أبحاث مجلس الشورى الإيراني (البرلمان ) في تقرير له عن توقعات الاقتصاد الإيراني أن نسبة التضخم من المتوقع أن تصل إلى 15، مما سيؤدي إلى استمرار هبوط قيمة الريال مقابل العملات الأخرى.
إن الزيادة الهائلة في القاعدة النقدية على مدى السنوات الخمس الماضية، وعجز الميزانية الحكومية، وانخفاض الإنتاج بسبب الزيادات الضريبية وانخفاض مؤشرات الأعمال التجارية، كلها مؤشرات تدل على أن نسبة التضخم سترتفع كثيرا.
البطالة
لا تزال الاحتجاجات المتفرقة في أنحاء مختلفة من إيران تجدد بين الفينة والأخرى بسبب ارتفاع نسبة البطالة. وقد حدد مسعود نيلي المستشار الاقتصادي للرئيس الإيراني البطالة بأنها أحد التحديات التي تواجه النظام الإيراني بأكمله.
وبينما أفاد مركز الإحصاء في إيران بأن معدل البطالة الحالي هو 11.7 في المئة، يؤكد الخبراء والنقابات العمالية بأن هذه النسبة مضاعفة وأن السياسات الاقتصادية للحكومة لا تؤدي إلى زيادة فرص العمل فحسب، بل ستزيد أيضا من معدلات البطالة خلال العام الإيراني المقبل.
وتشير الإحصاءات الرسمية أنه على مدى السنوات الثلاث المقبلة، سوف يتخرج مليون و300 ألف شخص من الجامعات وسوف يحتاجون بطبيعة الحال إلى وظائف ولكن عدم وجود الاستثمارات الحكومية لخلق فرص عمل في مختلف القطاعات، لن تجد فرصا للباحثين والعاطلين عن العمل.
وكان غلام حسين شافعي، رئيس غرفة إيران للتجارة، عزى جذور أزمة البطالة في البلاد، إلى “سوء تخطيط الحكومة لخلق فرص العمل”، وحذر من أن عدم وجود حلول لأزمة البطالة ستؤدي إلى المزيد من المشاكل الاجتماعية”.
سياسة التوسع الإقليمي
وإلى جانب المشكلات الداخلية، فإن استمرار سلوك النظام الإيراني العدائي تجاه المنطقة والتدخل العسكري ونشر الإرهاب والحروب الطائفية في الدول العربية ودول الجوار وكذلك سياساته تجاه الدول الغربية سيؤدي إلى مزيد من الضغوط والعقوبات على إيران وبالتالي خلق المزيد من المشاكل والازمات الاقتصادية والمعيشية.
وبالإضافة إلى استمرار الإنفاق على طموحاته الإقليمية في المنطقة، خصص النظام الإيراني ميزانية هائلة لبرنامج الصواريخ المثير للجدل والاستمرار بالتجارب الباليستية على صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية، في انتهاك واضح للقرارات الأممية والقوانين الدولية.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد وقع تعليق العقوبات على إيران يوم الجمعة الماضي (12 يناير) ودعا إلى استئناف المفاوضات مع إيران لإصلاح الاتفاق النووي بالتعاون مع الشركاء الأوروبيين الذين منحهم ترمب 4 أشهر لمراجعة وإصلاح الاتفاق بحيث يتضمن تجميد برنامج الصواريخ وشروط أكثر صرامة على البرنامج النووي.
وفي حال رفض إيران لهذه الشروط تهدد الولايات المتحدة بالخروج من الاتفاق النووي ما يعني بدء فصل جديد لأزمات الاقتصاد الإيراني، حيث ستؤدي القيود والعقوبات الجديدة إلى شل الاقتصاد الإيراني بالكامل.
موجة ثانية مرتقبة من الاحتجاجات
وبينما انحسرت #المظاهرات في إيران وباتت تختصر على إضرابات عمالية هنا وهناك، يقول الخبراء بأن موجة ثانية من الاحتجاجات الشعبية ستنطلق قريبا رغم القمع الدموي والعنف الذي واجهت به الأجهزة الأمنية الإيرانية المظاهرات الأخيرة.
وما زالت معدلات الفقر والبطالة والحرمان والغلاء والتضخم وتدهور المستوى المعيشي دفعت بالمواطنين إلى التذمر والاستياء والاحتجاج وتنذر بخروجهم للشوارع مرة أخرى.
العربية.نت