لم يتعدّ عدد المرشحين الذين قدموا رسميا أوراقهم الى وزارة الداخلية لخوض غمار انتخابات أيار النيابية، منذ الاثنين، أصابعَ اليد الواحدة، حيث اقفلت بورصة الترشيحات أمس، في اليوم الثالث على فتح باب الترشح، على ثلاثة طلبات تقدم بها كل من محمد زياد وجيه العجوز عن المقعد السني في دائرة بيروت الثانية، مي صبحي الخنسا عن المقعد الشيعي في دائرة جبل لبنان الثالثة وعماد فريد ميتا عن المقعد السني في البقاع الاوسط.
واذا كانت عوامل “تقنية” تدفع بالراغبين في الترشح الى التريث ودرس خطواتهم جيدا لئلا يقدموا على اي خطوة ناقصة، فإن لـ”برودة الهمم” هذه، أسبابا “سياسية” قبل اي شيء آخر، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.
فحتى اللحظة، لا تزال خريطة التحالفات السياسية، ضبابية الى حد كبير. وقبل جلائها في شكل واضح، من الصعب المباشرة في عملية تركيب اللوائح الانتخابية. فعلى اساس هذه التحالفات – التي قد تدفع القوى “الصديقة” الى التنافس في بعض المناطق والى النزول بلائحة موحدة في مناطق أخرى، لضمان فوز أكبر، وهذا الواقع ناتج عن طبيعة القانون الانتخابي النسبي الجديد- ستحسم الاحزاب الكبرى هويات مرشحيها نهائيا، ليتقدموا بعد نيلهم الضوء الاخضر من قياداتهم، بطلبات ترشيحهم الى “الداخلية”.
وفي وقت تقول ان التحالف الثابت حتى الساعة هو بين الثنائي الشيعي أمل – حزب الله، وبين المستقبل والتيار الوطني الحر، مع بعض الاستثناءات “الموضعية”، وبين تيار المردة والنائب بطرس حرب مثلا، وبين الحزب التقدمي الاشتراكي وحركة أمل، تلفت المصادر الى ان المفاوضات بين القوات اللبنانية والتيار الوطني من جهة وبين القوات والمستقبل من جهة ثانية، تسير على قدم وساق، وكان آخر حلقاتها منذ يومين في الزيارة التي قام بها وزير الاعلام الى بيت الوسط حيث التقى رئيس الحكومة سعد الحريري في حضور وزير الثقافة غطاس خوري. فبعد تبديد ترسبات التوتر الذي شاب علاقة معراب بحليفيها في تأسيس العهد الجديد، ابان ازمة استقالة الرئيس سعد الحريري، باتت المشاورات بينهم انتخابية لا سياسية وتبحث في حظوظ التحالف بينهم والذي يرجّح ان يكون على القطعة.
في المقابل، تشير المصادر الى ان ازمة “فيديو محمرش” ومواقف وزير الخارجية جبران باسيل العالية السقف من حزب الله سترخي بظلالها بلا شك على صورة التحالفات بين القوى الثلاث. ففيما بات محسوما ان جزين على موعد مع معركة طاحنة بين التيار والحركة، من المتوقع الا يعطي الحزب حليفه في ورقة التفاهم دعما مطلقا في مناطق وجودهما المشترك، وهذا الملف تحديدا مدار بحث حاليا بين الضاحية والرابية.
والى حين جلاء معالم اللوحة الانتخابية، تتابع المصادر، لن تشهد حركة الترشيحات زخما خصوصا ان القانون الجديد يحتّم على المرشح خوض الاستحقاق ضمن لائحة، لا بصورة فردية من جهة، فيما رسم الثمانية ملايين ليرة التي يسددها المرشح لقاء تقديم الطلب غير قابل للرد بحسب القانون الانتخابي الجديد، خلافا لما كان معتمدا في “الستين” حيث كان يمكن للمرشح ان يسترد قيمة الرسم في ما لو تراجع عن ترشحه قبل اقفال باب الترشيح. أما عدد كبير من الراغبين بالترشح، فلا يزال قلقاً من امكانية ارجاء الاستحقاق، وينتظر مبادرة الحزبيين الى تقديم ترشيحاتهم، ليقدم هو على ذلك!وفق ما ذكرت المركزية.